أخبار البلد

“سواعد الخير” تطمس أدلة الماضي بحجة التزيين

محمد العلي سرحان

ما كان للطلاء الأبيض أن يثير جدلًا لولا أنه امتد إلى جدران سجن ارتبط اسمه بآلام السوريين، فبعد إعلان فريق يدعى سواعد الخير عن حملة لطلاء أحد السجون السابقة التابعة للنظام السوري، حوّل العمل التطوعي المزعوم إلى محور استنكار وغضب شعبي، حيث اعتبر كثيرون أن هذا العمل يطمس أدلة قد تكون مفتاحًا لكشف مصير ضحايا ومفقودين.

وانتشرت تسجيلات مصوّرة يوم الإثنين، 13 كانون الثاني، تُظهر شبانًا وفتيات وهم يلونون الجدران باللون الأبيض داخل إحدى الزنزانات، مضيفين رسومات وعبارة: فتحت الأبواب وحلقت الأرواح.  في خطوة رأى الناشطون أنها محاولة لمحو جزء من تاريخ مليء بالفظائع التي عانى منها السوريون.

من هم “سواعد الخير”؟

الفريق الذي يعرف نفسه بأنه مجموعة تطوعية شبابية دون تمويل هدفها إعمار سوريا، تأسس في مدينة اللاذقية بعد سقوط النظام بخمسة أيام. ويضم بين أعضائه الإعلامي يزن باسم فوريتي، الذي عمل سابقًا مذيعًا في التلفزيون السوري.

بين التجميل وطمس الحقيقة

ردود الفعل الغاضبة لم تتوقف عند الانتقادات الشعبية، بل امتدت إلى منظمات حقوقية، أبرزها هيومن رايتس ووتش، التي طالبت حكومة تصريف الأعمال بالحفاظ على الأدلة والوثائق الموجودة في السجون والفروع الأمنية، مؤكدة أن هذه الأدلة تشكّل حجر الزاوية لتحقيق العدالة ومعرفة مصير عشرات الآلاف من المفقودين.

وقالت المنظمة: من حق العائلات السورية معرفة الحقيقة. طلاء الجدران أو تدمير الوثائق لا يساهم إلا في تعميق الجراح وتدمير فرص المساءلة.

قلق على العدالة المستقبلية

أعربت المنظمة عن خشيتها من أن يكون مصير الأدلة المتبقية، التي توثّق انتهاكات النظام السابق، التلف أو التدمير. وحذّرت من أن ذلك قد يعوق جهود تحقيق العدالة للضحايا والناجين، ويفاقم معاناة العائلات التي تنتظر أي بصيص أمل لمعرفة مصير أحبائها.

جدل مستمر

بين من يراها محاولة لإعادة الحياة وبين من يصفها بطمس الحقيقة، يبقى السؤال: هل يمكن للتجميل أن يزيل جدرانًا حملت في ذاكرتها صرخات الألم؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى