أخبار البلدسورية والعالم

مرونة غير مسبوقة في المفاوضات حول مستقبل شمال شرق سوريا: هل يلوح اتفاق في الأفق؟

كشفت وكالة “رويترز”، نقلاً عن نحو عشرة مصادر، بينهم خمسة شاركوا مباشرة في مناقشات مكثفة خلال الأسابيع الأخيرة، أن المفاوضين الدبلوماسيين والعسكريين من الولايات المتحدة وتركيا والإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) يظهرون مرونة غير مسبوقة وصبرًا يفوق ما تعكسه تصريحاتهم العلنية، ما يفتح الباب أمام احتمال التوصل لاتفاق يغيّر ملامح الملف السوري.

قسد في قلب المعادلة

بحسب “رويترز”، تتجه المفاوضات نحو حل واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في مستقبل سوريا: مصير “قسد”، حيث تشير مصادر مطلعة إلى أن المفاوضات قد تمهد الطريق لاتفاق خلال الأشهر المقبلة، يتضمن مغادرة بعض مقاتلي “قسد” المناطق الشمالية الشرقية، بينما يتم دمج آخرين في إطار وزارة الدفاع الجديدة.

إحدى النقاط الشائكة تتمثل في كيفية التعامل مع المقاتلين المدربين جيدًا، وإدارة المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد”، التي تضم حقول النفط والقمح الاستراتيجية.

قائد “قسد”، مظلوم عبدي، أكد في تصريح سابق لـ”الشرق”، أن مطلب التحالف الأساسي هو الإدارة اللامركزية، لكنه أشار إلى انفتاح “قسد” على العمل ككتلة عسكرية ضمن وزارة الدفاع، وهو أمر رفضه وزير الدفاع السوري الجديد، مرهف أبو قصرة.

ضغوط دولية ومخاوف محلية

على الجانب الآخر، تحدث دبلوماسي أمريكي كبير، لم تسمّه “رويترز”، عن مناقشات “مكثفة للغاية” بين واشنطن وأنقرة بشأن الملف السوري.

وأوضح أن البلدين يشتركان في رؤية مشتركة بضرورة انسحاب جميع المقاتلين الأجانب من سوريا، مضيفًا أن تركيا تبدي استعجالًا ملحوظًا للتوصل لاتفاق، لا سيما بعد هجوم شنّته هيئة تحرير الشام شمال غربي البلاد.

التحديات أمام التسوية

ذكرت الوكالة أن “قسد” قد تضطر للتنازل عن السيطرة على مناطقها وعائدات النفط كجزء من أي تسوية سياسية. بالمقابل، يمكن منحها حماية ثقافية ولغوية ضمن هيكل لامركزي.

مصدر كردي-سوري وصفته الوكالة بـ”رفيع المستوى” أقرّ بضرورة تقديم بعض التنازلات دون ذكر التفاصيل.

إلى جانب ذلك، ترى الولايات المتحدة أن الإطاحة بنظام بشار الأسد قد تفتح الباب أمام انسحابها التدريجي من سوريا، بشرط استمرار جهود “قسد” في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

المشهد المستقبلي

تبدو المفاوضات الحالية كاختبار حقيقي للإدارة السورية الجديدة، التي تسعى لإقناع “قسد” بحل نفسها والانضمام إلى وزارة الدفاع، لكن المشهد معقد، حيث تضغط تركيا لإنهاء وجود “قسد” المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني، في حين تتمسك واشنطن بتحقيق تسوية تضمن مصالحها وحماية حلفائها.

ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يتطلع كثيرون إلى دوره في صياغة التوازنات المستقبلية، لا سيما بالنظر إلى علاقته الجيدة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصفه سابقًا بـ”الشريك الذكي”.

هل تنجح التسوية؟

تبدو الأيام المقبلة حاسمة، إذ تحتاج الأطراف إلى تقديم تنازلات ملموسة للوصول إلى صيغة تُنهي 13 عامًا من الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف وشرّدت الملايين، لكن وسط التعقيدات الحالية، يبقى مستقبل شمال شرقيسوريا معلقًا بين طموحات الفصائل المحلية وضغوط القوى الإقليمية والدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى