القبض على عاطف نجيب.. الرجل الذي أشعل فتيل الثورة السورية
في عملية أمنية وُصفت بـ”النوعية”، أعلنت مديرية الأمن العام في اللاذقية، اليوم الجمعة 31 كانون الثاني، إلقاء القبض على العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا، والمسؤول عن الشرارة الأولى التي أشعلت الاحتجاجات ضد نظام الأسد عام 2011.
تفاصيل العملية.. “العدالة تأخذ مجراها“
مدير الأمن العام في اللاذقية، مصطفى كنيفاتي، أوضح أن العملية نُفذت بالتعاون مع القوى العسكرية، مؤكدًا أن نجيب كان من أبرز المتورطين في الجرائم والانتهاكات بحق السوريين، وأن القبض عليه يأتي في إطار محاسبة المتورطين وترسيخ الأمن والاستقرار.
عقب اعتقاله، جرى تحويله إلى الجهات المختصة لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها خلال سنوات خدمته في الأجهزة الأمنية، خاصة أثناء توليه رئاسة فرع الأمن السياسي في درعا.
من هو عاطف نجيب؟
ينتمي نجيب إلى عائلة الأسد، فهو ابن خالة بشار الأسد، وتدرج في مناصب أمنية عدة، متنقلًا بين دمشق وطرطوس قبل أن يصل إلى فرع الأمن السياسي في درعا، حيث كان له دور محوري في قمع الاحتجاجات الأولى التي اندلعت في آذار 2011.
“إجاك الدور يا دكتور”.. الشعارات التي فجّرت الثورة
في ذلك العام، أقدم عناصر الأمن السياسي على اعتقال وتعذيب مجموعة أطفال كتبوا شعارات مناهضة للأسد على جدران درعا، كان أشهرها:
“إجاك الدور يا دكتور“، في إشارة إلى موجة الثورات التي أطاحت بعدد من الزعماء العرب حينها.
عندما طالب وجهاء درعا بالإفراج عن الأطفال، كان رد عاطف نجيب صادمًا، إذ قابلهم بالإهانة والتهديد، بل وصل الأمر إلى المساس بكراماتهم وأعراضهم، ما فجّر حالة من الغضب الشعبي، كانت الشرارة الأولى لانطلاق الاحتجاجات في سوريا.
من الإفلات من العقاب.. إلى قائمة المطلوبين
في محاولة لاحتواء الموقف، شكل الأسد لجنة تحقيق، لكن بدل عزل نجيب أو محاسبته، اكتفى بنقله إلى فرع الأمن السياسي في إدلب، وفي 13 حزيران 2011، أصدرت لجنة التحقيق قرارًا بمنعه من السفر إلى جانب محافظ درعا آنذاك، فيصل كلثوم.
لاحقًا، أدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اسم عاطف نجيب على قوائم العقوبات، في 29 نيسان و9 أيار 2011 على التوالي، لكنه ظل طليقًا مستفيدًا من نفوذه العائلي داخل النظام.
نهاية الطريق.. وسقوط النظام
لم تفلح تحركات الأسد في امتصاص الغضب الشعبي، إذ استمرت التظاهرات وواجهها النظام بالرصاص والدبابات، ما أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات في مختلف المحافظات السورية، وصولًا إلى سقوط الأسد في 8 كانون الأول 2024.
وفي 3 كانون الأول 2020، حجز النظام على أموال شقيقة عاطف نجيب، ريم نجيب، وزوجها علاء إبراهيم، محافظ ريف دمشق السابق، في خطوة بدت محاولة للظهور بمظهر معاقبة الفاسدين، لكنها لم تُثنِ السوريين عن المطالبة بمحاسبة جميع رموز النظام.
واليوم، مع القبض على نجيب، يرى السوريون أن العدالة وإن تأخرت، فلا بد أن تأخذ مجراها.